الخميس، 28 أبريل 2011

عذرا لمن سيقرأ كلماتي







الإنسان كائن درسه الفلاسفة منذ العصور الأولى أملا في الوصول إلى حقيقة هذا المخلوق المميز الذي يعكس عظمة الخالق و كمال قدرته...تعددت تعريفاتهم له, لكنها جميعا كانت تأخذ نفس المنحى, فمنهم من قال أن الإنسان هو حيوان ناطق و آخر قال حيوان مفكّر و آخر حيوان مدرك..... اختلفت التعريفات في الظاهر و لكن الأصل كان واحد _التعريف الأول_ فالحيوان الناطق هو التعريف الشامل الذي يحتوي كل التعريفات الأخرى, و الذي نعنيه بالنطق هنا هو العقل و التفكير و ليس مجرد التعبير.فالنطق خاصية تميز بها خلق كثير غير الإنسان كقوله_جلّ من القائل

{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ}



* * *
توارثت الأجيال البشرية هذه الحقيقة جيلا عن جيل لكن قلة هم الذين أدركوا شمولية هذا التعريف القائم على العقل و التفكير و ليس مجرد التعبير وهكذا توصلوا إلى حقيقة ذواتهم المنتجة لا المستهلكة, العاملة لا العاطلة ,الفاعلة و المفكرة .فهل حاولنا نحن معرفة أنفسنا  و الوصول إلى حقيقة ذواتنا البشرية ؟
يبدوا أن المسلمين كعادتهم تشبثوا بالفروع و تركوا الأصل بل أصبحنا نرى المتنطعين على الساحة يقلبون الحق باطل و الباطل حق و يلبسون الفرع زى الأصل و ينزعون عن الأصل ثوبه...مسلموا اليوم اختزلوا الإنسان في تعريف لم يفهموا عمق دلالاته ,الإنسان المسلم (المعاصر) حيوان ناطق و الذي أعنيه بالنطق هنا مجرد التعبير  لا العقل و التفكير,هكذا توصل المسلمون إلى حقيقة ذواتهم المستهلكة لا المنتجة و العاطلة لا العاملة...حتى الحيوان فاقنا بدرجات فهو عنصر فاعل في عجلة الحياة و إن فقد نوع حدث الخلل, منهم من لا يكتفي بالاستهلاك فالنحلة وظيفتها إنتاج العسل و شمع النحل و التلقيح _ تلقيح أزهار المحاصيل الزراعية و الفواكه و هي وظيفة لها أهمية عظمي للإنتاج الزراعي_.

* * *
عذرا أيها المسلمون على قسوة أسلوبي و بشاعة تصويري,لكن تلك حقيقة لا تهيؤات, فأسمع الكلام الذي يبكيك و لا تسمع الكلام الذي يضحكك.تصويري لواقعنا رغم بشاعته هو حقيقة  و طالب الحق لا يستحي أن يفصح به,فلا ننكر أننا في غيبوبة عن العالم, ليس لتا في ميدان الإنتاج أثر, ولا في زحام الدنيا دور, والتاريخ شاهد على ذلك  و كم ذا بتاريخ  بلاد العرب من المضحكات لكنه ضحك كالبكاء,إن شعوب أمريكا و أوروبا تعرف عن البترول العربي أكثر مما يعرف المسلمون, عرفوا أهمية هذا الكنز المطمور تحت أقدام المسلمين , كنز جهله أصحابه و عجزوا عن استخراجه, و لما عرف الغرب أهمية هذه المادة أرسل الباحثين و الأخصائيين لاستخراجه و الاستفادة منه و دفعوا ثمنه للشعوب المسحورين بهذا الكنز المطمور في أراضيها دون أنت تقدر عليه أياديهم أو أن يستفيدوا منه.
يمتلك الوطن العربي واحدة من أخصب أراضي العالم إن لم تكن الأولى ,وقد أعلن  في مؤتمر الغذاء العالمي  المنعقد بروما سنة 1974 أن هذه الدولة هي إحدى ثلاث دول رشحت لتكون سلة غذاء العالم ,خاصة في مجال توفير الغلال و الحبوب الزيتية و المنتجات الحيوانية. كما تمثل الأراضي الصالحة للزراعة بهذا البلد 46 بالمائة من إجمالي الأراضي الصالحة بالوطن العربي أي ما يعادل النصف.
 لو سخرت كل هذه الخيرات لغير المسلمين لاستغلوها أحسن استغلال و لكان الخير بادي على وجه أهل هذا البلد لكن من المضحكات أن نجد هذا البلد عانى و لا يزال يعاني من المجاعة و الفقر بل يعتبر من أفقر دول العالم. لو أحسن أهل السودان استغلال ما لديهم لكانوا اليوم بأفضل حال لكن هيهات فالمسلم لم يخلق لينتج بل ليستهلك. ضف إلى ذلك أن هذا البلد قد قسّم إلى شمال و جنوب كمواصلة لعملية  تفكيك الأمة الإسلامية  و هذه سياسة اتبعها الغرب لمحاربة الإسلام و إطفاء نوره  فبعد ما كانت الخلافة تجمعنا  فرقنا المستعمر إلى دويلات و وضع الحدود  و لم يكتفوا بذلك بل  فرقوا أبناء الوطن الواحد و زرعوا بينهم العداوة و البغضاء فصارت الفرقة الحمقاء تجمعنا.

* * *
هل الدنيا شر ؟ لما يعرض المسلمون عنها و كأنها شرّ محض لا بد من تفاديه, لما يستحثون الموت و هم أحياء يرزقون و كأن التعمير على الأرض رجس من عمل الشيطان, تلحف الكثيرون برداء الغربة في الأرض حتى صاروا حقا غرباء لا وزن لهم و لا قيمة و أغلبهم متمسك بهذا المعنى المأثور" كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " و مازال المسلمون يتدافعون في هذه السبيل الموحشة  التي ساقتهم إليها توجيهات بعض الدعاة و المذاهب كالصوفية  أو التصوف و ما نتج عنه من ممارسات خاطئة أضرت بالإسلام و المسلمين على حد السواء _ و قد عرّف ابن خلدون التصوف بقوله:الصوفية من العلوم الشرعية الحادثة في الملة, و أصلها العكوف على العبادة و الانقطاع إلى الله تعالى , و الإعراض عن زخرف الدنيا و الزهد فيما يقبل عليه الجمهور من لذة و مال و جاه, و الانفراد عن الخلق في خلوة للعبادة _ أصاب ابن خلدون بقوله أن الصوفية من العلوم الحادثة بالملة لأن العكوف على العبادة و الإعراض عن الدنيا من الأمور التي تتنافى مع ما جاء في القرآن و السنة .
قال الله تعالى: | و لا تنس نصيبك من الدنيا | و |قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده و الطيبات من الرزق | و | يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحلّ الله لكم | كما  نهى النبي _ صلى الله عليه و سلم _  عن المبالغة في الزهد  و عدّ ذلك من قبيل  الرهبانية  التي أنكر وجودها الإسلام  كما في قوله تعالى | و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها  عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها | .
لقد ترك المسلمون خلافة الأرض لغيرهم من الشعوب و الملل و الأجناس و هم الأولى بذلك, و انفردوا عن الخلق في خلوة أصابتهم بالجهل و التخلف.

* * *
إن الحياة خير, و رغم عنائها فهي حبلى بخير خفي لا سبيل إليه غير العمل و الكد, قد خلق الله الإنسان من طين حتى يذكره بعلاقته الوثيقة بالدنيا و الطبيعة المحيطة به, فعلى المرء استغلال ما سخر الله له  و حمد الله ليلا نهارا على نعمة الحياة,و ما دمنا أحياء فالاهتمام بالدنيا و شؤونها أمر لا بد منه و كل لحضه يقضيها الإنسان على هذه الأرض من الممكن أن يصنع فيها شيئ  و كلما طال عمر المرء زادت التحديات و الأعمال  و زاد التنافس على أرفع الدرجات _ المسلمون لم يدخلوا غمار السباق بعد _ أنظر إلى حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا أنبئكم بخياركم ؟ فقالوا نعم قال: خياركم أطولكم أعمارا و أحسنكم أعمالا . إذا كنا معرضين عن الحياة فما جدوى الدين إذا ؟؟؟ إن الدين حركة إصلاح للحياة إذا فسدت و تنقية لهواها من الجهل كي يعرف العباد ربهم و يتقوه.
* * *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق