الأحد، 10 أبريل 2011

الإسلام : أمل في نهضة




الإسلام رسالة إلهية كتب الله لها أن تظّل و تبقى ما بقيت هذه الدنيا. رسالة أوكل الله لنفسه مسؤولية حفظها من التحريف و التبديل و كيد الكائدين مرضى القلوب أعداء هذا الدين.وأوكل لنا  نحن أمّة خاتم الأنبياء المصطفى محمد | صلى الله عليه و سلم |  مسؤولية نصرته و نشره و الدعوة إليه بالتي هي أحسن.
 كان الخوف كبيرا بعد وفاة النبي | صلى الله عليه و سلم | من أن تتفرق هذه الأمة    فخرج عليهم أبى بكر الصديق|  رضي الله عنه | و قال قولته الشهيرة :

" من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات, و من كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت "

 فمحمد | عليه الصلاة و السلام | ليس إلا رسول أدى أمانته و بلّغ رسالته  و عهد  إلى المسلمين من بعده مواصلة المشوار و رفع   كلمة التوحيد " لا اله إلا الله " عاليا.
أحمد الله حمدا كثيرا  أنه جعل للإسلام حينها رجالا  من طينة أبى بكر, رفعوا  لـواء إسلامنـا و بذلوا دمائهم في سبيل الله,أدوا أمانتهم  و صدقوا الله ما عاهدوه عليه  و لولاهم ما كنا اليوم مسلمين و لكان الإسلام حديثا يروى لا حقيقتا قائمة .
انتقلت راية الإسلام من جيل إلى جيل حتى وصلت إلينا فلم تجد رجالا من طينة أبى بكر لرفعها بل وجدت دينا بلا رجال و بقايا أمة مشتتة و منتشرة في الأرض . ما نحن فيه اليوم  من تخلف هو  نتيجة للجمود  و الإقصاء الذي عان منه العقل المسلم  طيلة هذه الفترة  فالأمم و الحضارات  تتقدم و نحن في مكاننا  و إن حصل و تحركنا فالأرجح ستكون خطواتنا للوراء.

جهلنا بتاريخنا الإسلامي تسبب لنا في تجردنا  من قيمنا و الانسلاخ عن جلدتنا  و تستر خلف مبادئ و قيم الحضارات الأخرى , هذا الوعي التاريخي هو ما يفتقد إليه المفكرون العرب المسلمين إن وجدوا , فهم لم يتشربوا روح الحضارة الإسلامية  و لم يدركوا إلا قشورها  و بذلك قد فقدوا أحسن ما في الإسلام, إن أغلب دراساتهم  و بحوثهم تكون عن الغرب و حضارتهم محاولين نقل النموذج الغربي إلى العالم الإسلامي  لكن هؤلاء العرب ممن يدعون التفكير  غاب عنهم أن  المفكرين الأوروبيين  كانوا و لازالوا ينسجمون مع بني جلدتهم  من المسيحيين و لا يعادونهم  .بل هم لا يختلفون عنهم في أسلوب حياتهم و تفكيرهم العملي أما أحرار التفكير في العالم العربي فهم يختلفون عن بني جلدتهم من المتدينين و يحتقرونهم لا لشئ فقط لأنهم تشبعوا بدراسة الغرب و تركوا الكنز الذي أمام أعينهم ألا و هو تاريخ  الحضارة الإسلامية .
لما كان عمر الإسلام سنين عدد كان الصحابة رضوان الله عليهم يقصون على أبناءهم  الغزوات و الحروب التي عايشوها مع النبي صلى الله عليه و سلم  أما في هذه الأيام فالتاريخ المدرس فهو تاريخ الحضارات الغربية أما تاريخنا الإسلامي فهو مغيّب فتجد أبناءنا في جهل بأصولهم حتى أنهم حفظوا أسماء شخصيات  تاريخية  غربية  و إن سألتهم عن شخصيات  من التاريخ الإسلامي أو حتى عن الصحابة الكرام ستجد منهم الاستغراب  و الجهل.حتي لو قلنا أن هذا واقع فرضته  علينا الحكومات  المتأسلمة  وليس لنا منه مفرّ , أين التربية الأسرية  أين الآباء و الأمهات  <؟>

" الأم مدرسة  إذا   أعددتها       أعددت شعبا  طيّب  الأعراق"

أنت يا أخت بارك بك الله أملنا لخلق جيل قوي غير مشبوه فلقني طفلك الإسلام و قيمه و أخلاقه منذ الصغر و لا تنسي أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر.
علينا نحن العرب المسلمين أن نعلم فضل الإسلام علينا, فبإسلامنا دخلنا التاريخ و لّما خناه خرجنا من التاريخ أذلة مطرودين فلم تنفعنا لا عروبتنا و لا قوميتنا و صدق من قال :

" كنا أذلّة على الأرض حتى أعزنا الله بالإسلام   فمن ابتغى العزة في غيره لن يفلح".

لو تجمع العرب كلهم بلا دين لتحرير فلسطين ما نجحوا في ذلك, ديننا هو وجودنا و ترياق خلودنا و هو سبيلنا إلى الخلاص من البلاء الذي أصاب الأمة.
صدق الكذوب : لطالما كنت أختلف مع كل ما يكون مأتاه الغرب  و لكنى  اتفقت معهم في مسألة | صدق الكذوب | تصنيفنا في العالم النامي فنحن بحق ما زلنا لم نبلغ مرحلة  الرشد  و نواجه مشاكل تأخر النمو . كلما رأيت طفلا يسير في هدوء و خوف خلف والده إلا و تذكرت مصيبة المسلمين فنحن نسير في هدوء و صمت خلف مجموعة الدول المتقدمة,كثيرا ما أستحضر قوله تعالى:

"يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم
يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فستكسوني أكسكم  "

وأقارنها بواقعنا فأجد ملبسي صينيا و مطعمي فرنسيا و مركبي ألمانيا...ولا أجد من العربي غير نفسي, أصبحنا نتضرع و نسأل الغرب حاجاتنا عوض التضّرع لله | عزّ و جلّ | .
هل خلقنا فقط لنستهلك <؟>
عشنا و سنعيش عالة على هذه الأرض و على غيرنا, اعتمدنا على الغير في أبسط الأمور حتى أبسط الملابس التي تصنع في بلاد العرب تجد الآلة التي صنعت بها غربية.
 ماذا صنعنا نحن لهذا العالم <؟>
ما يؤلمني حقا هي نظرة الرضا  بالأحوال  التي أرمقها في أعين شبابنا  و نظرة العجز  في أعين آخرين  ,تلك النظرات التي تحط من عزيمتي كلما باشرت عملا ما , يعتقدون أن تقدمهم يكمن في تلك الطائرات و  السفن و المدن...بل تلكم مظاهر تقدمهم لكن الفرق هو أنهم قوم استغلوا ما عندهم و ما رزقهم الله في خدمة دنياهم أما نحن فقد سخر الله لنا الأرض جميعا في خدمتنا وجعلها لنا ذلول فما استفدنا منها شيء   , عقولنا التي ميزنا بها الله عن الحيوان  جمدناها ومنعناها من التفكير  فأصبحنا كالأنعام بل أضل سبيلا .

الأمل بجانب الله يحلو و لا أمل بدون عمل:  إدراك العلياء ما أبتغي  ورفع راية الإسلام و المسلمين هدفي  فيوم يكون المسلم أدنى من غيره فلا كرامة لدين يعتنقه , لزام علينا اليوم تغيير هذا الواقع و محو تلك النظرة اليائسة و البائسة من أعين شبابنا  نحن في حاجة إلى شباب قوى العزيمة عالي الهمة يبدأ المشوار < المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير>  فأول الغيث قطرة وسيتبعها سيل  بتوفيق من الله .

شباب الحق للإسلام عودوا     فأنتم مجده وبكم يسود
      وأنتم سرّ نهضتـه قديـماً              وأنتم فجره الباهي الجديد

شباب الإسلام يأب أن يذل وأن يهون و قادر على إدراك العلياء إذا ما كدّ وجدّ ,فانتظار الفرج لن يغير من واقعنا  شيء   بل السعي نحو الفرج و التغيير  هو السبيل < فلا يغير الله ما بقوم حتى يغير ما بأنفسهم > و حتى إن فشلنا سيكفينا شرف المحاولة و التمتع بنشوتها  .

يأسن الماء إذا الماء ركد :العالم الإسلامي مليء بالكفاءات القادرة على تقديم الإضافة و الرقي بالمسلمين إلى مصاف الكبار لكنها جميعا كفاءات خارج الخدمة فأغلبهم  عانى أو يعاني من البطالة و حتى إن اشتغل سيكون بعيدا عن تخصصه إلا من رحم ربي , سيسأل بعضكم ما قصدي من عبارة يأسن الماء إذا الماء ركد أجيب و أقول أن الماء إذا خمل و ركد واتكل وكسل أسن وتعفن.. و حامل العلم حاله حال الماء فإذا ما خمل وكسل وركن، أسن.

قضايا تشغل بال المسلمين: كلما نظرت للساحة الإسلامية و لمشاغل المسلمين عامة   إلا و انتابتني حالة من الإحباط و رغبة في الانعزال عنهم و عن قضاياهم. فلو لم أكن على يقين بأن عمر الإسلام فاق الأربعة عشر قرنا لانتابني الشك في ذلك.النقاب,الحجاب,قطع يد السارق,... تلكم هي القضايا الشائكة و المصيرية التي شغلتنا نحن المسلمين عن التقدم و عطلت سير ركب الإسلام و المسلمين حتى تجاوزته الأمم الأخرى, تركنا كبار الأمور و انشغلنا بأتفهها و ما عرفنا من الإسلام غير قشوره و لم نتمتع بمذاق لبه الجميل.

قضايا لم تشغل بال المسلمين: يوجد اليوم أكثر من مليار مسلم منتشرين في شتى أصقاع العالم  أغلبهم جاهل باللغة العربية  التي نزل بها القرآن  , حتى نحن العرب  أصبحت لغتنا الأم  آخر اهتماماتنا   و تنكرنا لها و لولا القرآن الكريم الذي حفظها  لاندثرت من على وجه البسيطة.
لو تأملنا في أسباب سيطرة دول كالولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا على العالم سنجد أن للغة دور أساسي في ذلك.. فهذه الدول  سعت ولازالت تسعى حتى تكون لغاتها مواد أساسية تدرس في مختلف أنحاء المعمورة  فتكون بذلك وسيلة  تساعدها في بسط نفوذها و نشر ثقافاتها  و التغلغل داخل مختلف المجتمعات و التأثير فيها  حتى تمكنوا من زرع قيمهم الغربية في نفوس البشر في غفلة من الجميع .
المصيبة أن أحدا من المسلمين و الحكام العرب لم  يلتفت إلى إخوانه المسلمين في اندونيسيا ,الهند ,...و فكّر ولو تفكيرا في تمكينهم من اللغة العربية, كيف لهم أن يتذوقوا سحر القرآن إن كانوا جاهلين باللغة التي نزل بها, كيف لهم أن يلتمسوا مواضع الجمال و البلاغة فيه و أسلوب بيانه و هم الجاهلون بالعربية. كيف لهم أن يعرفوا معجزة رسولنا الكريم و مواضع الإعجاز في القرآن. كيف لنا أن نتوحد إن لم تكن لنا لغة تجمعنا و تمكننا من التواصل <؟> .
حملات التبشير و التنصير  تغلغلت داخل مجتمعاتنا تدفع المسلمين للارتداد عن دين الحق و اعتناق المسيحية  فنجحوا في ذلك  و حملوا العديد من المسلمين إلى الردة  لا عن قناعة  بل طمعا في عيش أ يسر و مستقبل  أفضل لهم ولأبنائهم فهذه الحملات مدعومة  من الحكومات الأوروبية و الأمريكية   و تخصص لها ميزانيات هائلة  و كل الوسائل فيها مباحة ,حصل في اندونيسية البلد ذي الأغلبية المسلمة و الحكومة المسيحية  أن  مسلما تحصل على وظيفة  بعد فترة طويلة من البطالة و ما إن  استقرت أحواله  حتى فاجئه مديره  قائلا : إما أن تتنصر أو تفصل عن العمل  فما كان منه إلا أن تنصر و عائلته ,أما في مجال الدعوة فحدث و لا حرج فهذا المجال يعرف ركودا منذ انقطاع  الفتوحات الإسلامية . أذكر حادثة أنقلها لك أخي و أختي القارئة  عن الشيخ الغزالي رحمه الله أن أمريكيا هداه الله إلى الإسلام حديثا قال للشيخ نحن الأمريكان أوصلنا لكم الكوكاكولا  إلى الكهوف و أنتم  استكثرتم علينا كلمة لا اله إلا الله ...
 أهذا ما عاهدنا عليه الله ؟
أرض المسلمين تغتصب على مرأى من أعيننا في بلاد العراق و فلسطين, مواضع عديدة من جسدنا الواحد تشتكي و تتألم و لم يعرها سائر الجسد أي اهتمام بل قابلها باللامبالاة,وكأن أجهزته الحسية أصيبت بالعجز و الشلل.
 و ربّ الكعبة أكاد أجزم أنه لولا العناية الإلهية بهذا الدين   لغربت شمس الإسلام و اندثر.

خاتمة :
انطلقت في هذا المقال بالحديث عن الوعي التاريخي  و سأنتهي بالحديث  عنه لما يكتسيه هذا العنصر من أهمية بالغة  في التأثير على المستقبل  و في وضع أطر و ضوابط تدور بموجبها  عجلة الحياة . الوعي التاريخي يعتبر جزءا أساسيا من ثقافة أية أمة حريصة على بناء مستقبلها ضمن قيمها الخاصة. بحيث يكون الاعتبار بالتجارب التاريخية ضرورة لكن، دون اتخاذها أصلا يُبنىَ عليه فزمن المعصومين انتهى بوفاة النبي صلى الله عليه و سلم.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق